Post by Admin on Oct 24, 2015 7:14:17 GMT
عصر ما قبل الصناعة والقرون الوسطى[عدل]
يعارض ويلسون (1984) الرأي العام الذي كانت تتبناه قاعدة عريضة من الجمهور والمتمثل في أن تربية الأطفال في العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث كانت تتسم باللامبالاة والإهمال والوحشية. ومع التأكيد على سياق الفقر وارتفاع معدل وفيات الأطفال الرضع (ثلث الأطفال أو أكثر يموتون) خلال عصر ما قبل الصناعة، مثلت ممارسات تربية الأطفال الفعلية سلوكًا موائمًا من قِبل الفلاحين. وهو يشير إلى الرعاية الأبوية واسعة النطاق خلال حالات المرض والحزن عند الموت والتضحيات من قبل الآباء لتعظيم رفاهية الطفل ونظام تعبدي واسع في مرحلة الطفولة في ممارسة الشعائر الدينية.[1]
وافترض المؤرخون أن الأسر التقليدية في عصر ما قبل الصناعة تضمنت الأسرة الممتدة، حيث كان الأجداد والآباء والأطفال وربما بعض الأقارب الآخرين يعيشون جميعًا معًا تحت حكم كبير الأسرة. وكانت هناك أمثلة على ذلك في منطقة البلقان وفي الأسر الأرستقراطية. ومع ذلك، كان النمط المعتاد في أوروبا الغربية هو الأسرة الأكثر بساطة، والتي تتألف من الزوج والزوجة وأبنائهم (وربما خادم، والذي قد يكون أحد الأقارب). وغالبًا ما كان يتم إرسال الأطفال بصفة مؤقتة ليعملوا كخدم لدى أقاربهم ممن يحتاجون إلى المساعدة.[2]
وفي أوروبا في العصور الوسطى، كان هناك نموذج لمراحل متميزة من الحياة، والذي كان يتحدد عند بدء مرحلة الطفولة وانتهائها. لقد كان قدوم طفل جديد بمثابة حدث بارز. وكان النبلاء يبدأون على الفور في التفكير في ترتيب الزواج الذي من شأنه أن يعود بالنفع على الأسرة. ولم تكن أعياد الميلاد من الأحداث البارزة، حيث كان الأطفال يحتفلون بيوم القديسين الذين تمت تسميتهم بأسمائهم. وقد نظر قانون الكنيسة والقانون العام إلى الأطفال على أنهم يتساوون مع الكبار فيما يتعلق ببعض الأغراض ومتميزين لأغراض أخرى.[3]
وكان التعليم بالمعنى التدريبي للكلمة وظيفة حصرية للأسر بالنسبة للغالبية العظمى للأطفال حتى القرن التاسع عشر. وفي العصور الوسطى، قامت الكاتدرائيات الكبرى بتنفيذ برامج تعليمية لأعداد صغيرة من الفتيان في سن المراهقة ممن يُراد لهم أن يصبحوا قساوسة. وبدأت الجامعات في الظهور لتدريب الأطباء والمحامين والمسؤولين الحكوميين، و(في الغالب) الكهنة. وظهرت أولى الجامعات بعد عام 1100 تقريبًا، وجاءت جامعة بولونيا (1088)، وجامعة باريس (1150) وجامعة أكسفورد (1167) في الطليعة. والتحق الطلاب بالدراسة في سن مبكرة، حيث لم تتجاوز أعمارهم 13 أو 14 عامًا وبقوا في الدراسة لمدة تتراوح من 6 إلى 16 عامًا.[4]
مشاركة الأطفال في الحملة الصليبية[عدل]
جذبت حركة شبابية عفوية في فرنسا وألمانيا عام 1212 أعدادًا كبيرة من مراهقي وشباب الفلاحين (عدد قليل منهم كان تحت سن الـ 15). وكان هؤلاء مقتنعين بأنهم قادرون على النجاح في الوصول إلى القدس وإنقاذها من المسلمين، حيث فشل آخرون أكبر سنًا وأكثر ذنوبًا في القيام بذلك. ورأوا أن القوة الخارقة لإيمانهم ستحقق لهم النصر الذي فشلت قوة الأسلحة في تحقيقه. والكثير من قساوسة الأبرشيات والآباء والأمهات شجعوا مثل هذه الحماسة الدينية وحثهم عليها. وعارض البابا والأساقفة المحاولة ولكنهم فشلوا في وقفها كليًا. وانطلقت مجموعة من عدة آلاف من الشباب بقيادة شخص ألماني يُدعى نيكولاس متوجهة إلى إيطاليا. ونجا حوالي ثلث المجموعة من مسيرة عبر جبال الألب ووصل هؤلاء إلى جنوا؛ وأتت مجموعة أخرى إلى مرسيليا. وتمكن الشباب الأسعد حظًا في نهاية المطاف من الوصول إلى موطنهم بسلام، ولكن تم بيع العديد من الشباب الآخرين كعبيد مدى الحياة في مزادات تجار الرقيق بمرسيليا. والمصادر قليلة وغير واضحة ولا يزال المؤرخون غير متأكدين بالضبط مما حدث.[5]
النهضة وبداية العصر الحديث[عدل]
خلال عصر النهضة، زاد التصوير الفني للأطفال بشكل هائل في أوروبا. ففي إنجلترا خلال العصر الإليزابيثي، كان انتقال الأعراف الاجتماعية مسألة عائلية، حيث كان يتم تعليمهم أصول وآداب الخلق السليم واحترام الآخر.[6] وكان بعض الفتيان الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية عادة ما يتعلمون على يد قسيس محلي.[7]
في أوروبا الغربية بحلول عام 1500، كان من المعترف به على نطاق واسع أن الأطفال يمتلكون حقوقًا بالنيابة عن أنفسهم. وتضمنت هذه الحقوق حقوق الأطفال الفقراء في الحصول على قوتهم والعضوية في المجتمع والتعليم والتدريب الوظيفي.[8]
النظام القديم والتنوير[عدل]
في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية خلال الفترة من 1650 إلى 1790، كانت التطلعات التعليمية في ازدياد وكانت تكتسب على نحو متزايد الطابع المؤسسي من أجل تزويد الكنيسة والدولة بالموظفين ليكونوا إداريين مستقبليين. وكانت الفتيات غير مؤهلات للمناصب القيادية، وكان يُنظر إليهن بشكل عام باعتبارهن أقل في القدرات العقلية من الفتيان. وكانت لدى فرنسا العديد من المدارس المحلية الصغيرة، حيث كان أطفال الطبقة العاملة - من البنين والبنات - يتعلمون في إطار شعار الأفضل "أن تعرف وتحب وتخدم الرب". ومع ذلك، كان يتم تعليم أبناء بنات النخب النبيلة والبرجوازية تعليمًا متميزًا جدًا: حيث كان يتم إرسال الأولاد إلى المدرسة العليا، ربما جامعة، بينما كان يتم إرسال أخواتهن - إذا كُن محظوظات بما يكفي لمغادرة المنزل - لاستكمال الدراسة في الدير. ولم يُقدم أي بديل حقيقي لتعليم الإناث؛ فلم تتشكل شخصيات النساء المستنيرات إلا من خلال التعليم المنزلي، وعادة صالونات النساء المدهشة.[9]
وقد انطوى النموذج المؤسسي للأسرة على أن جميع الأعضاء - بما في ذلك الأطفال - كانوا تابعين وموظفين لفائدة الأسرة بأسرها. والمفكر الذي انفصل عن النموذج المؤسسي وأنشأ المفهوم الحديث للطفولة مع استقلاليتها وأهدافها الخاصة هو جان جاك روسو. واستنادًا إلى أفكار جون لوك وغيره من مفكري عصر التنوير خلال القرن السابع عشر، صاغ روسو في روايته الشهيرة إميل: أو التربية (Emile: or Education) (1762) الطفولة كفترة وجيزة من حماية قبل مواجهة الأشخاص أخطار ومصاعب سن البلوغ. وتساءل روسو "لماذا نسلب الأفراح التي تمر بسرعة من هؤلاء الأبرياء؟". لماذا نملأ الأيام الأولى العابرة بالمرارة، الأيام التي لن تعود لهم ولا لكم؟"[10]
يعارض ويلسون (1984) الرأي العام الذي كانت تتبناه قاعدة عريضة من الجمهور والمتمثل في أن تربية الأطفال في العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث كانت تتسم باللامبالاة والإهمال والوحشية. ومع التأكيد على سياق الفقر وارتفاع معدل وفيات الأطفال الرضع (ثلث الأطفال أو أكثر يموتون) خلال عصر ما قبل الصناعة، مثلت ممارسات تربية الأطفال الفعلية سلوكًا موائمًا من قِبل الفلاحين. وهو يشير إلى الرعاية الأبوية واسعة النطاق خلال حالات المرض والحزن عند الموت والتضحيات من قبل الآباء لتعظيم رفاهية الطفل ونظام تعبدي واسع في مرحلة الطفولة في ممارسة الشعائر الدينية.[1]
وافترض المؤرخون أن الأسر التقليدية في عصر ما قبل الصناعة تضمنت الأسرة الممتدة، حيث كان الأجداد والآباء والأطفال وربما بعض الأقارب الآخرين يعيشون جميعًا معًا تحت حكم كبير الأسرة. وكانت هناك أمثلة على ذلك في منطقة البلقان وفي الأسر الأرستقراطية. ومع ذلك، كان النمط المعتاد في أوروبا الغربية هو الأسرة الأكثر بساطة، والتي تتألف من الزوج والزوجة وأبنائهم (وربما خادم، والذي قد يكون أحد الأقارب). وغالبًا ما كان يتم إرسال الأطفال بصفة مؤقتة ليعملوا كخدم لدى أقاربهم ممن يحتاجون إلى المساعدة.[2]
وفي أوروبا في العصور الوسطى، كان هناك نموذج لمراحل متميزة من الحياة، والذي كان يتحدد عند بدء مرحلة الطفولة وانتهائها. لقد كان قدوم طفل جديد بمثابة حدث بارز. وكان النبلاء يبدأون على الفور في التفكير في ترتيب الزواج الذي من شأنه أن يعود بالنفع على الأسرة. ولم تكن أعياد الميلاد من الأحداث البارزة، حيث كان الأطفال يحتفلون بيوم القديسين الذين تمت تسميتهم بأسمائهم. وقد نظر قانون الكنيسة والقانون العام إلى الأطفال على أنهم يتساوون مع الكبار فيما يتعلق ببعض الأغراض ومتميزين لأغراض أخرى.[3]
وكان التعليم بالمعنى التدريبي للكلمة وظيفة حصرية للأسر بالنسبة للغالبية العظمى للأطفال حتى القرن التاسع عشر. وفي العصور الوسطى، قامت الكاتدرائيات الكبرى بتنفيذ برامج تعليمية لأعداد صغيرة من الفتيان في سن المراهقة ممن يُراد لهم أن يصبحوا قساوسة. وبدأت الجامعات في الظهور لتدريب الأطباء والمحامين والمسؤولين الحكوميين، و(في الغالب) الكهنة. وظهرت أولى الجامعات بعد عام 1100 تقريبًا، وجاءت جامعة بولونيا (1088)، وجامعة باريس (1150) وجامعة أكسفورد (1167) في الطليعة. والتحق الطلاب بالدراسة في سن مبكرة، حيث لم تتجاوز أعمارهم 13 أو 14 عامًا وبقوا في الدراسة لمدة تتراوح من 6 إلى 16 عامًا.[4]
مشاركة الأطفال في الحملة الصليبية[عدل]
جذبت حركة شبابية عفوية في فرنسا وألمانيا عام 1212 أعدادًا كبيرة من مراهقي وشباب الفلاحين (عدد قليل منهم كان تحت سن الـ 15). وكان هؤلاء مقتنعين بأنهم قادرون على النجاح في الوصول إلى القدس وإنقاذها من المسلمين، حيث فشل آخرون أكبر سنًا وأكثر ذنوبًا في القيام بذلك. ورأوا أن القوة الخارقة لإيمانهم ستحقق لهم النصر الذي فشلت قوة الأسلحة في تحقيقه. والكثير من قساوسة الأبرشيات والآباء والأمهات شجعوا مثل هذه الحماسة الدينية وحثهم عليها. وعارض البابا والأساقفة المحاولة ولكنهم فشلوا في وقفها كليًا. وانطلقت مجموعة من عدة آلاف من الشباب بقيادة شخص ألماني يُدعى نيكولاس متوجهة إلى إيطاليا. ونجا حوالي ثلث المجموعة من مسيرة عبر جبال الألب ووصل هؤلاء إلى جنوا؛ وأتت مجموعة أخرى إلى مرسيليا. وتمكن الشباب الأسعد حظًا في نهاية المطاف من الوصول إلى موطنهم بسلام، ولكن تم بيع العديد من الشباب الآخرين كعبيد مدى الحياة في مزادات تجار الرقيق بمرسيليا. والمصادر قليلة وغير واضحة ولا يزال المؤرخون غير متأكدين بالضبط مما حدث.[5]
النهضة وبداية العصر الحديث[عدل]
خلال عصر النهضة، زاد التصوير الفني للأطفال بشكل هائل في أوروبا. ففي إنجلترا خلال العصر الإليزابيثي، كان انتقال الأعراف الاجتماعية مسألة عائلية، حيث كان يتم تعليمهم أصول وآداب الخلق السليم واحترام الآخر.[6] وكان بعض الفتيان الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية عادة ما يتعلمون على يد قسيس محلي.[7]
في أوروبا الغربية بحلول عام 1500، كان من المعترف به على نطاق واسع أن الأطفال يمتلكون حقوقًا بالنيابة عن أنفسهم. وتضمنت هذه الحقوق حقوق الأطفال الفقراء في الحصول على قوتهم والعضوية في المجتمع والتعليم والتدريب الوظيفي.[8]
النظام القديم والتنوير[عدل]
في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية خلال الفترة من 1650 إلى 1790، كانت التطلعات التعليمية في ازدياد وكانت تكتسب على نحو متزايد الطابع المؤسسي من أجل تزويد الكنيسة والدولة بالموظفين ليكونوا إداريين مستقبليين. وكانت الفتيات غير مؤهلات للمناصب القيادية، وكان يُنظر إليهن بشكل عام باعتبارهن أقل في القدرات العقلية من الفتيان. وكانت لدى فرنسا العديد من المدارس المحلية الصغيرة، حيث كان أطفال الطبقة العاملة - من البنين والبنات - يتعلمون في إطار شعار الأفضل "أن تعرف وتحب وتخدم الرب". ومع ذلك، كان يتم تعليم أبناء بنات النخب النبيلة والبرجوازية تعليمًا متميزًا جدًا: حيث كان يتم إرسال الأولاد إلى المدرسة العليا، ربما جامعة، بينما كان يتم إرسال أخواتهن - إذا كُن محظوظات بما يكفي لمغادرة المنزل - لاستكمال الدراسة في الدير. ولم يُقدم أي بديل حقيقي لتعليم الإناث؛ فلم تتشكل شخصيات النساء المستنيرات إلا من خلال التعليم المنزلي، وعادة صالونات النساء المدهشة.[9]
وقد انطوى النموذج المؤسسي للأسرة على أن جميع الأعضاء - بما في ذلك الأطفال - كانوا تابعين وموظفين لفائدة الأسرة بأسرها. والمفكر الذي انفصل عن النموذج المؤسسي وأنشأ المفهوم الحديث للطفولة مع استقلاليتها وأهدافها الخاصة هو جان جاك روسو. واستنادًا إلى أفكار جون لوك وغيره من مفكري عصر التنوير خلال القرن السابع عشر، صاغ روسو في روايته الشهيرة إميل: أو التربية (Emile: or Education) (1762) الطفولة كفترة وجيزة من حماية قبل مواجهة الأشخاص أخطار ومصاعب سن البلوغ. وتساءل روسو "لماذا نسلب الأفراح التي تمر بسرعة من هؤلاء الأبرياء؟". لماذا نملأ الأيام الأولى العابرة بالمرارة، الأيام التي لن تعود لهم ولا لكم؟"[10]